حامل لواء العربية في الهند: الأستاذ ولي أختر
سيد
محمد طارق
كلية
ذاكر حسين دلهي، جامعة دلهي
27-28 مارس 2022م، قسم
اللغة العربية، جامعة دلهي
التمهيد
هذه الورقة ستتناول جهود الأستاذ ولي
أختر الندوي المرحوم في سبيل نشر اللغة العربية ومحاولاته لاسترداد مكانتها الأولى
في النظام الدراسي في جامعة دلهي والكليات التابعة لها، إضافة إلى ميزاته وأوصافه
وخصائصه الشخصية.
التواضع
د. ولي أختر عرفته صدفةً يوما كنتُ
أسافر في الباص رقم 615 من جامعة جيه أين يو إلى سوق سروجنى نغر في جنوب دلهي،
فوجدتُ مقعدا شاغرا في جنب شخص لم يكن شيخا ولا شابا وكان يطالع مجموعة القصص
القصيرة الإنجليزية، فسلّمت عليه وجلستُ. وبعد دقائق التفت إلي وبدأ يستفسر عما
أدرس والسكن وغيرها وخلال الحديث علمتُ بأنه د. ولي أختر الندوي كان جاء لامتحان باحث
الدكتوراه في مركز الدراسات العربية والإفريقية في جامعة جيه أين يو وأنه يدرس في
قسم اللغة العربية بجامعة دلهي. وبعد
ذلك كلما لقيته أحسستُ إحساسا تاما بأنه يعرفني وينظر إلي نظر التقدير والاحترام
فأصبح لي بمثابة أخٍ كبير.
ميزاته الشخصية
ومن ميزاته أنه كان دائما يتحدث عن الأفكار
والآراء في الكتب الأدبية والقصص العربية وعلى وجه الخصوص القصص النافعة لطلاب
اللغة العربية والمواقع الإلكترونية حيث يمكن قراءة القصص بسهولة لتعلم اللغة
العربية. وهذا إضافة إلى شغفه المتزايد بالقواعد العربية من النحو والصرف. وفي
معظم اللقاءات رسمية كانت أم شخصية، كان يتحدث عن القواعد العربية وفقه اللغة
وإيجاد طرق وأساليب جديدة لتعليم اللغة العربية وتشويق الطلاب لها.
الحب للغة العربية
كان د. ولي أختر يقول: أعطاني الله
بفضل اللغة العربية ما لم يكن في الحسبان. ومما يدل على حبه وشغفه باللغة العربية،
إنه، وفق ما عرفت خلال الحديث معه، علّم جميع أولاده وبناته اللغة العربية. ولأجل
تعليم أولاده كتب كتبا لا مثيل لها في الهند فمنها كتاب في علم النحو باسم A
Practical Approach to the Arabic Language في
جزئين والكتاب الآخر في علم الصرف باسم Arabic
Morphology Made Easy. إضافة إلى هذا كتب بعض القصص للمقرر
الدراسي للمدارس الهندية الرسمية من نحو "التاج محل" و "الولد
الأمين" و "جوز الهند".
المهنية وتنظيم الوقت
كان د. ولي أختر مثالا نادرا لحرية
الفكر والحس المرهف للأعمال المحوَّلة إليه والأفراد العاملين معه أو تحت أمره.
وكان يتحدث عن موقفه بكل صراحة وبدون خجل ولكن مع الاحترام التام لأفكار الآخرين.
وخلال السنين الأخيرة تغير نظام التدريس في مرحلة بكالوريوس كثيرا وهذا أدى إلى
تغيير المقرر الدراسي أيضاً.
1.
أولاً كان النظام السنوي (Annual mode) حيث كان الامتحان ينعقد في نهاية السنة
2.
ثم جاء نظام الفترة (Semester mode) حيث بدأ الامتحان ينعقد مرتين في سنة
3.
ثم أتى نظام بكالوريوس لأربع سنوات (Four Years Undergraduate Program) فامتدت الفترة الدراسية لبكالوريوس من ثلاث سنوات إلى أربع سنوات
والامتحان كان ينعقد مرتين في كل سنة
4.
ثم شهدنا القهقرى إذ أزيل نظام بكالوريوس لأربع سنوات وتمّ
إرجاع نظام بكالوريوس لثلاث سنوات.
وفي كل مرحلة من مراحل أربع لتغيير
النظام الدراسي كان على أساتذة قسم اللغة العربية في كلية ذاكر حسين دلهي وأساتذة
قسم اللغة العربية بجامعة دلهي، أن يُعِدوا المقرر الدراسي لبكالوريوس من جديد.
وكان الأستاذ المغفور له معنا وكان يجتهد ويكابد مثل معين لا كمدير للقسم وكان
دائما يحاول تقليل العِبء عنا ويأتي كل يوم بالآراء والأفكار الجديدة هادفاً إلى
تسهيل المقرر الدراسي وتجديد محتوياتها. ومشاركته الفعالة في إعداد وتعديل المقرر الدراسي
كانت تدل على مهاراته العلمية وتكيفه بالتقنيات الحديثة التي في بعض الأحيان لا
توجد لدى أساتذة الجيل المنصرم وكان دائما يكمل المهمة قبل موعد الاجتماع بطريق
ملائم ونافع.
والآن جاء نظام جديد لبكالوريوس ذو
أربع سنوات شبه نظام بكالوريوس لأربع سنوات الأخير وللطالب حرية تامة أن يخرج في
نهاية كل سنة من السنين الأولى والثانية والثالثة والرابعة بشهادة خاصة بفترة
دراسية قضاها. ونحن في مرحلة إعداد مقرر جديد ولكن المرشد الفعال المتحمس غاب عنا
فليس لنا إلا أن نقول: رضينا قسمة الجبار فينا.
اللغة العربية في الكليات التابعة
لجامعة دلهي
اللغة العربية كما أفادت المصادر
التاريخية كانت جزءا لا يتجزأ في كليات جامعة دلهي منذ أول يومها ولكن لأسباب
سياسية وغيرها لم تبق العربية في دلهي كما كانت في الماضي وانحصرت في كلية واحدة
فقط فحاول د. ولي أختر مع رفاقه في قسم اللغة العربية بجامعة دلهي لاسترداد مكانة
اللغة العربية في النظام الدراسي السائد في جامعة دلهي والكليات التابعة لها. فأثمرت
الجهود واتفق مسؤولو كلية استيفن على توفير اللغة العربية في مرحلة
"سرتيفيكيت" و"دبلوم". ونظرا الى رغبة الطلاب والطالبات
المتزايدة في اللغة العربية يجب علينا أن نحاول لبدء تدريس اللغة العربية من جديد
في الكليات التابعة لجامعة دلهي. وكان د. ولي أختر يرى أهمية ارتباط الحاضر
بالماضي بتنشيط فعاليات إيجابية للفت انتباه أصحاب السلطات والحكم إلى اللغة
العربية وآدابها.
الخاتمة
مرة في جلسة ختامية لمؤتمر سنوي في قسم
اللغة العربية بجامعة دلهي، اجتمع الضيوف في القاعة وصعد د. ولي أختر المنبر بصفة
رئيس القسم آنذاك وكان حضر في الاجتماع عدد كبير من علماء اللغة العربية وأساتذتها
ومحبيها من شتى الجامعات والكليات الهندية وبدأ د. ولي أختر يلقي الكلمات الختامية
بشعر شهير بعد تغيير فيه وقال:
ألموا فحيوا ثم قاموا
فودعوا
فلما تولوا كادت
النفس تزهق
فاليوم أريد أن أقرأ نفس الشعر بتغيير يسير
وأقول للدكتور ولي أختر رحمه الله الذي كان بيننا وودعنا فجأة وهذا ما كان قدر
العلي الخبير لنا:
ألم فحيا ثم قام فودع
فلما تولى كادت النفس
تزهق